بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واَل محمد
دعوة ابراهيم الخليل
عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [1] ( عليه السَّلام ) : " أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسِيرُ بِبَعِيرٍ ، فَمَرَّ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي ، قَدْ قَطَعَ الْأَرْضَ إِلَى السَّمَاءِ طُولُهُ ، وَ لِبَاسُهُ شَعْرٌ .
قَالَ : فَوَقَفَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) وَ عَجِبَ مِنْهُ ، وَ جَلَسَ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهُ ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ حَرَّكَهُ بِيَدِهِ .
فَقَالَ لَهُ : إِنَّ لِي حَاجَةً ، فَخَفِّفْ .
قَالَ : فَخَفَّفَ الرَّجُلُ ، وَ جَلَسَ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) .
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : لِمَنْ تُصَلِّي ؟
فَقَالَ : لِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ .
فَقَالَ لَهُ : وَ مَنْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ ؟
فَقَالَ : الَّذِي خَلَقَكَ وَ خَلَقَنِي .
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : قَدْ أَعْجَبَنِي نَحْوُكَ ، وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُوَاخِيَكَ فِي اللَّهِ ، أَيْنَ مَنْزِلُكَ إِذَا أَرَدْتُ زِيَارَتَكَ وَ لِقَاءَكَ ؟
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَنْزِلِي خَلْفَ هَذِهِ النُّطْفَةِ [2] ، وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْبَحْرِ ، وَ أَمَّا مُصَلَّايَ فَهَذَا الْمَوْضِعُ ، تُصِيبُنِي فِيهِ إِذَا أَرَدْتَنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ لِإِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) : أَ لَكَ حَاجَةٌ ؟
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ : نَعَمْ .
فَقَالَ لَهُ : وَ مَا هِيَ ؟
قَالَ : تَدْعُو اللَّهَ وَ أُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِكَ ، وَ أَدْعُو أَنَا فَتُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِي .
فَقَالَ الرَّجُلُ : فَبِمَ نَدْعُو اللَّهَ ؟
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : لِلْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : لَا .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : وَ لِمَ ؟
فَقَالَ : لِأَنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرَ إِجَابَتَهَا حَتَّى السَّاعَةِ ، وَ أَنَا أَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَهُ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَجَابَنِي .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : فَبِمَ دَعَوْتَهُ ؟
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إِنِّي فِي مُصَلَّايَ هَذَا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ بِي غُلَامٌ أَرْوَعُ [3] ، النُّورُ يَطْلُعُ مِنْ جَبْهَتِهِ ، لَهُ ذُؤَابَةٌ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ مَعَهُ بَقَرٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُهِنَتْ دَهْناً ، وَ غَنَمٌ يَسُوقُهَا كَأَنَّمَا دُخِسَتْ دَخَساً [4] ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْهُ .
فَقُلْتُ لَهُ : يَا غُلَامُ ، لِمَنْ هَذَا الْبَقَرُ وَ الْغَنَمُ ؟
فَقَالَ لِي : لِإِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) .
فَقُلْتُ : وَ مَنْ أَنْتَ ؟
فَقَالَ : أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ .
فَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يُرِيَنِي خَلِيلَهُ .
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) : فَأَنَا إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، وَ ذَلِكَ الْغُلَامُ ابْنِي .
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَلِكَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي ، ثُمَّ قَبَّلَ الرَّجُلُ صَفْحَتَيْ إِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) وَ عَانَقَهُ .
ثُمَّ قَالَ : أَمَّا الْآنَ ، فَقُمْ فَادْعُ حَتَّى أُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِكَ .
فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ ( عليه السَّلام ) لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَ الْمُذْنِبِينَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرِّضَا عَنْهُمْ .
قَالَ : وَ أَمَّنَ الرَّجُلُ عَلَى دُعَائِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) : فَدَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) بَالِغَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُذْنِبِينَ مِنْ شِيعَتِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
نسألكم الدعاء