عيد الله الاكبر

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واَل محمد وعجل فرجهم
عيد الله الاكبر :
عبرت آثارنا الاسلامية عن يوم الغدير بتعابير من قبيل ( عيد الله الاكبر ) ،(ويوم العهد ) ، (ويوم الميثاق المأخوذ ) ،وهو ما يعكس وجود اهتمام خاص بهذا اليوم الشريف .

وأهم ما يميز هذه التعابير ويشكل العمدة والمضمون الحقيقي لقضية الغدير هو الولاية .

جاء عن مولانا الصادق (ع) عن ابيه عن آبائه قال : قال رسول الله (ص) : (( يوم غدير خم أفضل اعياد امتي ،وهو اليوم الذي امرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي ابن ابي طالب علماً لأمتي يهتدون به من بعدي ، وهو اليوم الذي اكمل الله فيه الدين واتم على امتي فيه النعمة ،ورضي لهم الاسلام ديناً ))

- فعل رسول الله (ص) وقوله حجة :

لحياة رسول الله (ص) في كل لحظاتها اهمية خاصة عند المسلمين فالرسول لا ينطق عن الهوى ،وكلامه هو كلام الوحي ، قال الله تعالى : (( وما ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى )) النجم 3-4

وفعله وتقريره حجة على المسلمين كافة .
ومن الاحداث المهمة التي جمع فيها النبي (ص) بين الفعل والقول في تبليغ الناس هي واقعة الغدير .

وما اقل الحوادث في تاريخ الاسلام التي تساوى واقعة الغدير من جهة السند والمضمون ، والتاكد من صحتها بين جميع علماء المسلمين حيث تواتر نقلها في مصادر المسلمين المختلفة . (1)

أ- حجة الوداع :
خرج رسول الله الى الحج في السنة العاشرة للهجرة بامر من الله تعالى واعلن امام الناس عن قصده للحج هذا العام(2) ،وأذن في الناس بذلك حتى ارسل رسلاً الى المناطق الاخرى لكي يخبروا الناس بان النبي (ص) قد قصد لآخر حجة ،فقدم المدينة خلق كثير ياتمون به في حجته تلك ،التي اطلق عليها حجة الوداع ،وحجة الاسلام ، وحجة البلاغ ،وحجة الكمال ،وحجة التمام ،ولم يحج غيرها منذ هاجر الى ان توفاه الله .

فخرج الرسول (ص) من المدينة مغتسلاً مترجلاً ،وكان يوم السبت 24او 25 من ذى القعدة ،وقد رافقه اهل بيته وعامة المهاجرين والانصار وعدد كبير من الناس وقد اجتمعوا حوله وقيل بانه خرج معه بين 70 الف الى 120 الف من الناس (3 )

وإن كان الذين حجوا معه في هذه الحجة اكثر من ذلك كالمقيمين بمكة والذين اتوا من بلدان اخرى .

وكان الامام علي (ع) حينها في اليمن يقوم بالتبليغ ونشر التعاليم السماوية ،وبعد ان علم بامر الرسول قصد الى مكة مع جمع من اليمنيين ليلتحقوا بالرسول (ص) قبل بدء المناسك (4)

لبس الرسول لباس الاحرام مع اصحابه في ميقات الشجرة ومن ثم بداوا بمناسك الحج .

كان الرسول (ص) قد علم الناس مناسك الحج من قبل عن طريق الوحي ،ولكن في هذه المرة عمل بهذه المناسك وفي كل موقف وضح لهم جزئياتها وتكلم حول تكاليفهم الشرعية .

ب- بلّغ ما انزل اليك من ربك :
بعد انتهاء مناسك الحج وانصراف النبي (ص) راجعاً الى المدينة ومعه من كان من الجمع المذكور ، وصل منطقة غدير خم (5)
عند منتصف الطريق يوم الخميس 18 من ذي الحجة .
وقبل ان يتشعب المصريون والعراقيون والشاميون ،نزل جرائيل عن الله تعالى بقوله : (( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين )) المائدة 67

امر الله رسوله ان يبلغ الناس بما انزل في علي من قبل .

وقد كانوا قريباً من الجحفة فامر رسول الله ان يرد من تقدم ويحبس من تاخر عنهم (6) .

ج- صلاة الظهر وخطبة الغدير :
امر النبي (ص) اصحابه ان يهيئوا له مكاناً تحت الاشجار ويقطعوا الاشواك ويجمعوا الاحجار من تحتها .

في ذلك الوقت نودي الى فريضة الظهر فصلاها في تلك الحرارة الشديدة مع الجماعة الغفيرة التي كانت حاضرة (7)

ومن شدة الحرارة كان الناس يضعون ارديتهم على رؤوسهم من شدة الرمضاء ( .
وليحموا الرسول من حرارة الشمس وضعوا ثوباً على شجرة سمرة كي يظللوه .

فلما انصرف من صلاته ،قام خطيباً بين الناس على اقتاب الابل واسمع الجميع كلامه ، وكان بعض الناس يكرر كلامه حتى يسمع الجميع .

فبدأ بخطبته قائلاً : (( الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ،ونتوكل عليه ،ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ،الذي لا هادي لمن ضل ولا مضل لمن هدى ، واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول عبده ورسوله _اما بعد _

ايها الناس قد نباني اللطيف الخبير اني اوشك ان ادعى فاجيب وإني مسؤول وانتم مسؤولون فماذا انتم قائلون )) (حول دعوتي ) ؟

قال الحاضرون : نشهد انك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً (9) .

د_ تذكير المسلمين باصول دينهم :
ثم قال رسول الله (ص) : ((الستم تشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ، وان جنته حق وناره حق وان الموت حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور ؟

قال : اللهم اشهد ثم اخذ الناس شهوداً على ما يقول ثم قال : ايها الناس الا تسمعون ؟ قالوا : نعم يا رسول الله (10)

قال : فإني فرط على الحوض ، وانتم واردون على الحوض وان عرضه ما بين صنعاء وبصرى ، فيه اقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ، فنادى مناد : (( وما الثقلان يا رسول الله )) ؟

قال الرسول ك (( الثقل الاكبر كتاب الله ،طرف بيد الله عز وجل ،وطرف بايديكم فتمسكوا (ان تمسكتم به وتمتعتم بهدايته ) لا تضلوا ،والآخر الاصغر عترتي وان اللطيف الخبير نباني انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض (11) فسالت ذلك لهما ربي ،فلا تقدموهما فتهلكوا ،ولا تقصروا عنهما فتهلكوا )) .

ه_ من كنت مولاه فهذا علي مولاه :
ثم اخذ بيد علي فرفعها حتى يراه الناس كلهم (12) فسأل الرسول (ص) الحضور : (( ايها الناس الست اولى بكم من انفسكم ؟ فاجابوا : نعم يا رسول الله )) (13)

فقال : (( إن الله مولاي وانا مولى المؤمنين وانا اولى بهم من انفسهم )) .

ثم قال : (( فمن كنت مولاه فعلي مولاه )) يقولها ثلاث مرات ثم قال (( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله )) ثم خاطب الناس : (( يا أيها الناس الا فليبلغ الشاهد الغائب )) (14)


ق- اليوم اكملت لكم دينكم :
ولما تفرقوا نزل جبرائيل بقوله من الله : (( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا .... ))المائدة 3

فلما نزلت هذه الآية قال النبي( ص) : الله اكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الله برسالتي ولولاية علي من بعدي (15) .

وهنا بدء القوم يهنؤن امير المؤمنين وممن هنأه في مقدم الصحابة ابو بكر وعمر ،وقال عمر : بخ بخ لك يا بن ابي طالب اصبحت وامسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (16) .

ومن ثم قام حسان بن ثابت وستئذن من الرسول (ص) ان يقول في ما سمع منه في هذا الموقف حول الامير عليه السلام فاذن له الرسول قاءلاً ك (( قل على بركة الله )) فقام حسان وانشد قائلاً :

يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واسمع بالرسول مناديا

فقال فمن مولاكم ونبيكم فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وانت نبينا ولم تلق منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماماً وهاديا


ثبتنا الله على ولاية أمير المؤمنين


تحياتي :السلام: